عقائدية الإمام الحسين (عليه السلام) تجاوزت أطر مجالس العزاء والبكاء عليه وعلى أخواته وأبنائه وأصحابه وسبي عائلته إلى الإطار العالمي الذي تستجمع منه دروس الإنسان المفكر الشجاع المؤمن حين يقول كلمة (لا) بوجه الظالمين مهما أوتوا من إجرام.
ومنهاج الإمام الحسين (عليه السلام) في الإيمان والتفكير والتحدي توضحه سيرته العطرة باعتباره إمام معصوم قبل أي شيء آخر وما يقدم عليه يعتبر هو الصحيح ولا جدال في ذلك فالأمة الإسلامية التي وضعت من قبل الحكام الأمويين على كف عفريت كان لا بد من وقف انحرافها ولو بثمن غالٍ وهذا ما أسس له الإمام الحسين (عليه السلام) الذي عاش وتخبر بالواقع الإسلامي وكيف أخذ بالهبوط بعد وفاة جده النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستمد من التراث الإسلامي روح تفجيراته الحقة وعلى مدى عمر التاريخ الإسلامي لم يظهر شخص قدم لنفوس المسلمين محفزاً على ضرورة تحدي الظلم أكثر مما قدمه الصمود الحسيني.
لقد كانت جبهة منهاج الإمام الحسين (عليه السلام) ذات جذور إنسانية قبل أن تكون إسلامية ومقولة (أن الحياة عقيدة وجهاد) تنطبق هنا بمفهوم أكثر جلاءً والمراد الأول من نهضة الحسين (عليه السلام) إذ كان إحياءً لمعالم الدين عبر مواجهة الباطل واسفافاته فقد سعى أعداء الإسلام وما زالوا يسعون للتقليل من شأن الاحتفاء بذكرى استشهاد سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) بغية إزواء هذا الاحتفاء. لكن مثل هذه المحاولات الخبيثة مثلما باءت بالفشل خلال (13) قرناً فإنها ستلاقي نفس المصير الفاشل في كل زمان ومكان.
وعلى اعتبار أن أضخم احتفاء لإحياء ذكرى معركة الطف يقام في كربلاء وبقية المراقد الدينية في العراق حيث غالبية السكان هم من أتباع الإمام علي (عليه السلام) أمير المؤمنين في الدنيا والآخرة فإن هذه الخصوصية للزمان الذي هو شهر محرم والمكان الذي هو كربلاء بالدرجة الرئيسية فإن كل مسلم وكل إنسان شريف عليه أن يكون بمستوى عملي لمقولة: (يا ليتنا كنا معكم فنفوز معكم فوزاً عظيماً) حيث أن المسلمين القريبين من مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) وبقية المراقد المقدسة في العراق هم أجدر على الإثبات والتجسيد لمعنى أن يكون الإنسان سوياً في تقييماته للأحداث الدينية والتاريخية.
إن من أهم أهداف معركة عاشوراء هي استمرار الاحتفاء بها بكل آن حيث يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أن لقتل الحسين (عليه السلام) حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً) فقد أكد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على ضرورة إدامة إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) واستخلاص العبر والدروس من مظلوميته الكبرى
.