alghareeba_30 مشرف قسم
عدد الرسائل : 46 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 14/02/2007
| موضوع: الشهيدان حسن وعلي مسلماني الأربعاء مارس 07, 2007 12:13 pm | |
| قصة شهيدا الوعد الصادق، أمراء الجنة، حسن وعلي مسلماني. يعود الحاج سامي وهو يحمل ولديه شهيدين، والثالث جريحاً ليس بالأمر المستغرب. فبعد أكثر من ثلاثين عاماً من الجهاد على جبهات مختلفة، عرف سر عدم استشهاده في الالتحام المباشر مع العدو طوال سنوات عديدة، خصوصاً بعد إصابته إصابة خطيرة في إحدى أشهر المواجهات في تاريخ العدوان الإسرائيلي على لبنان العام 1982، في مثلث خلدة. فها هو يقدم على مذبح الشهادة ما هو أغلى من روحه ونفسه: ولديه. هو لم ينسَ كلمات الإمام الخميني(قده) لمؤسسي حركة المقاومة الإسلامية إبان الاجتياح: «مرحلتكم مرحلة كربلائية». كان الحاج سامي قبل تلك الحقبة قد قاتل في حرب السنتين، ورأى والده وأخويه يُقتلون على أيدي ميليشيا القوات اللبنانية في تل الزعتر، حيث نجا هو بأعجوبة، وانطلق من نسيج عباءة الإمام موسى الصدر، إلى موقف السلاح مع الشيخ راغب حرب، إلى الوعي النامي من نداوة دماء السيد عباس الموسوي، وحتى تجديد البيعة للقائد السيد حسن نصر الله، بقي مهاجراً مع عائلته في صحراء العمر، متضرعاً في كل لحظة أن ينيخ الرحل؛ فكل أرضٍ كربلاء.. [size=12][size=12]قد تختلف الأزمنة والأمكنة كثيراً، وتقلّب الأيام الإنسان على أكف القدر، ولكن الخابية لا تنضح إلا بما فيها، لذا كان من الطبيعي جداً لحسن وعلي أن يكونا مع والدهما في حرب (تغيير الوجهة) كما أسماها الإسرائيلي، ويستشهدا في (الوعد الصادق) كما أسماها حزب الله. كان عمر حسن ست سنوات وعلي أربعاً عندما كانت أمهما تهيئ الطعام للمجاهدين في حي السلم أواخر الثمانينات، فيقومان بتوزيعه عليهم في مكان وجودهم. وفي الوقت الذي يلهو الأطفال فيه، كانا يقومان بمساعدة والدهما والمجاهدين بتعبئة أكياس الرمل للدشم والسواتر. [/[]ولا يعني ذلك أنهما حُرما من عمر الطفولة، بل عاشاها بكل تفاصيلها بموازاة عيشهما داخل «منظومة» المقاومة، فلا يمكن لهما أن ينسلخا عنها لأنها نسيج روحيهما، فهما مع والدهما في الدروس الثقافية التي غذّت في عقليهما الوعي الديني والسياسي على حدّ سواء، ومعه في مسجد الإمام الكاظم(ع) في حي السلم، حيث كان يتابع شؤونه ويرفع صوته بالأذان، ويؤدون صلاة الجماعة ويحيون ليالي القدر، ويشاركون في مراسم عاشوراء، ومعه أيضاً وهو ينقلُ العتاد العسكري، وينظف سلاحه، ويعدان له الرصاص. s]أما في المنزل فهما يساعدان والدتهما التي لم يرزقها الله فتاةً بأعمال المنزل، ويساعدانها في عملها الاجتماعي في الهيئات النسائية. ]في محل النجارة الصغير الذي يملكه والدهما، وقفا إلى جانبه ليجذفا معه قارب الحياة في الزمن المر، فحملا معه وعنه المسؤولية. ولَكَم غبطت الناس الحاج سامي على ولديه، ولَكَم انتشى قلبه بهما، وهو يراهما قادمين إليه والابتسامة المشرقة دوماً على شفتيهما، وحديثهما الذي لا ينتهي، وقد بدأت ملامح الشباب تطفو على وجهيهما... [size=12]وكلما طويت سنة من عمريهما تشعبت ارتباطاتهما، والتحق بركبهما إخوتهما الثلاثة الذين ساروا على نفس خطاهما. [/s][]تابع حسن دراسته لمهنة الكهرباء، ثم توظف بعد ذلك في ثانوية الإمام الحسن(ع)، فيما بقي علي في عمله مع والده. [size=12]في أيار من العام 2000، ومع إعلان الاندحار الإسرائيلي عن قرية الجبين، كانت العائلة أول الواصلين إلى القرية التي حرموا منها سنوات طويلة. كانت تلك المرة الأولى التي رأى فيها حسن وعلي قريتهما الصغيرة والجميلة جداً، لقد احتضنتهما بشوقٍ برائحة زيتونها الصابر، وعبق الصمود المحفور على صخورها، وقد عاهداها منذ ذلك الحين، أن لا شيء سيكسرها، ولا أحد سيدنس ترابها. [] تزوج حسن ورزقه الله طفلاً تعلّق قلبُ علي به كثيراً، ولم يعنِ زواجه الانفصال عن العائلة فهو قد استأجر منزلاً بالقرب منهم، وظلّ يتقاسم كل شيء مع علي؛ المصروف، السيارة، وحتى الهاتف الخلوي.. []بين عامي 2004 2005 التحقا بدورة عسكرية، وعلى الرغم من أنهما معاً في التعبئة العامة للمقاومة، وأنهما دائماً سوياً، فإن ذلك لم يلغِ السرية المطلقة لكل ما يمكن أن يقوم به أحدهما على حدة، حتى والدهما لم يعرف ماذا يعملان، ولم يجرب أن يسألهما. [/]وجاء صيف 2006 بمفاجآته التي فاقت كل ما تصوره الصديق والعدو على حدّ سواء، كانت أولها عملية أسر الجنديين الإسرائيليين، وعندما سمع حسن بخبر الأسر، وزع الحلوى على جميع من في الثانوية، واستأذن المديرة ليخرج باكراً، إلى حيث التقى والده وتوجها مباشرة إلى الجبين. أما علي الذي رجع من عمله بعد الظهر ولم يجدهما فقد جنّ جنونه لأنهما لم يتصلا به، وجلس يترقب آخر الأخبار والمستجدات مع رفاقه، وبين حين وآخر يتفقدُ ابن أخيه حسن ليحمله ويداعبه. ربما كانت هذه المرة الوحيدة التي افترق فيها حسن عن علي، في وقت من المفترض أن يكونا فيه سوياً. لذا، كانت ليلة الخميس من أطول الليالي في عمره. ليل انبلج صبحه على مجازر وتقطيع للطرق وقصف للجسور. []لكن القصف العنيف الذي طال معظم الطرقات الرئيسية في الجنوب. لم يمنعه من حمل حقيبته والالتحاق بأبيه وأخويه، جرّبت والدته أن تقنعه بالبقاء خوفاً عليه من مخاطر الطريق، أو أن ينتظر قليلاً فربما أصبحت الطرقات أكثر أمناً، ولكنه لم يستطع الانتظار أكثر. [size=12]وصل علي إلى الجبين، وكانت سماء تموز تمطرُ بالصواريخ، وكان بحر لبنان مداً من قنابل البوارج المحاصرة للشاطئ. نظر إلى والده وحسن بعتبٍ قبل أن يعانقهما، لتكون تلك اللحظة بداية الانضمام لحربٍ أرادها العدو الإسرائيلي مفتوحة، فقبلت المقاومة التحدي. [/1]حربٌ حصدت الكثير من أرواح المدنيين، ولكنها لم تؤثر طرفة عين في عزيمة المقاومين، لأنهم كانوا يدركون أننا نعيش مرحلة كربلائية، وأن الدم سينتصر على السيف مهما غلت التضحيات. []«أولسنا على حق يا أبتاه؟ إذاً، لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا».. [/]كان حسن مع والده، وعلي مع مجموعة ثانية في مقلبٍ آخر من القرية عندما تقدمت مجموعة إسرائيلية ناحية البلدة. جُرح خلال المواجهات أخوهما الصغير، فحمله الوالد وانسحب به إلى نقطة آمنة، وعاد مسرعاً إلى موقعه، واحتدمت المعركة التي انجلت عن إصابة حسن. ركض الوالد إليه ليسحبه إلى مكان آمن، لكن روحه كانت تستعد للعروج إلى جنان الخلد... فرمقه بنظرة أخيرة ونفس راضية مرضية، قبل أن يطلب منه أن يتركه مكانه وينسحب مغمضاً عينيه اللتين طالما زخرتا بأسرار لم يعرف أحد كنهها، فأخذ والده سلاحه وجعبته وأكمل المعركة.. بعد ذلك استشهد رفيق عمره حسن أحمد عقيل، واضطر الوالد للانسحاب من النقطة التي كان فيها، ولم يستطع معرفة أي شيء عن ولده علي، إلا بعد اعلان وقف اطلاق النار بسبب غزارة القنابل المحرقة التي ظل العدو يرميها. [size=12]ذهب أولاً إلى ولده حسن فوجد أن الشهيد حسن عقيل قد زحف ناحيته واستشهد بالقرب منه، ثم بدأ البحث عن علي، فوجده أخيراً قرب شجرة محروقة. لم يعرف كلاهما أن الآخر قد استشهد، ولكنّ والدهما الذي عاد بهما شهيدين، عرف أخيراً لماذا لم يستشهد. | |
|