urbaybe مشرف عام
عدد الرسائل : 97 تاريخ التسجيل : 14/02/2007
| موضوع: إعلان حالة الطوارئ في ظل حكومة الإما علي(ع) الأحد مايو 27, 2007 7:04 pm | |
| تواجه الحكومات والأنظمة بجميع أنواعها عادة حالات خاصة تضطر فيها إلى إعلان حالة الطوارئ، تلجأ إليها الدولة عندما تمر بأزمة حادة، وخاصة في فترات وقوع الكوارث الطبيعية كالسيول والزلازل، أو غير الطبيعية كالحروب والانقلابات العسكرية والثورات، وتصبح إدارة البلاد غير ممكنة بالطرق الاعتيادية، وبإعلان حالة الطوارئ تتجاوز الدولة الكثير من الحقوق المشروعة للمواطن والحريات التي أقرتها القوانين الموضوعة، لتتصرف وفق ما تقتضيه المصلحة العامة وما ترتئيه الدولة دون الرجوع إلى تلك القوانين. ولعلّ أهم هذه الظروف الاستثنائية التي تشهدها أغلب البلاد هي ظروف الأزمات السياسية التي تعصف بها، والسبب في ذلك تصاعد الاختلافات والتناحرات السياسية بين الدول من جهة، وبينها وبين المعارضة من جهة أخرى، وتتمثل هذه الاختلافات تارة بالاغتيالات السياسية والانفجارات وممارسة شتى أنواع العنف الأخرى، وتارة أخرى بشن الحروب والهجوم المسلح العسكري من قبل دولة على أخرى، وفي بعض الأحيان تبرز بشكل مظاهرات واضطرابات داخلية أو القيام بانقلابات عسكرية داخل مؤسسات النظام القائم. تعلن الدول حالة الطوارئ فوراً عندما تواجه مثل هذه الأزمات، وتعطي لنفسها الحق باستخدام شتى الوسائل المناسبة والممكنة لاحتواء الأزمة، بحجة إعادة النظام والاستقرار وتأمين المصالح العامة.. واللجوء إلى الأحكام العرفية وبسط يد العسكر في إدارة البلاد، واحد من الوسائل التي تتخذها السلطات للقضاء على الفوضى والاضطرابات وحينها تخضع البلاد لقوانين ومقررات عسكرية تسمح للعسكر في أن: 1- يفتشوا المنازل دون إذن مسبق. 2- يمنعوا المواطنين من السكن في المحلات التي يقطنونها ويرحلوهم عنها. 3- يمنعوا تجمع أكثر من ثلاثة أشخاص. 4- يقيموا المحاكمات الميدانية وعلى ضوئها يُحكم على المعتقلين وتنفذ فيهم الأحكام الصادرة. 5- يضعوا الحواجز على الطرقات وفي المحلات السكنية ليسيطروا بواسطتها على حركة الناس. 6- يعطلوا إصدار الجرائد والمجلات أو يخضعونها لرقابة مشددة. 7- يحلّوا المجالس الشعبية والنيابية والقوة التشريعية ويمنعوا أي نوع من أنواع الانتخابات. لا تختلف الأنظمة بوضع هذه الإجراءات موضع التنفيذ، أياً كان نوعها دستورية برلمانية أو شمولية استبدادية، إلا بفارق بسيط هو أن الحكومات الديمقراطية تشرع تلك الإجراءات عن طريق آراء ممثلي الشعب في البرلمان؛ أي القوة التشريعية، بينما يتم اتخاذ مثل هذه الإجراءات في الحكومات الاستبدادية من قبل الملك أو رئيس الجمهورية أو رئيس القوة التنفيذية. ولذلك احتوت قوانين ودساتير جميع الدول على مواد قانونية تعالج الحالات الطارئة عليها وتعترف بها بصورة رسمية علي(ع)على فراش الشهادة عندما اغتيل الإمام علي(ع) فجر التاسع عشر من رمضان بسيف ابن ملجم وكان ما زال به رمق، نادى: (لا يفوتنكم الرجل) (12)، وعندما استطاعوا الإمساك به أوصاهم أن يحسنوا إليه وقال: (إن أَبقَ فأنا وليُّ دمي وإن أُفن فالفناء ميعادي، وإن أعفُ فالعفو لي قربة وهو لكم حسنة، فاعفوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، والله ما فجأني من الموت واردٌ كرهته ولا طائع أنكرته، وما كنت إلا كقارب ورد وطالب وجد، وما عند الله خيرٌ للأبرار) (13). ويؤكد أمير المؤمنين(ع) نفس هذا المعنى في وصيته إلى الحسن والحسين(ع) حيث يقول: (يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون في دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل أمير المؤمنين، ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي، انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه، فاضربوه ضربة بضربة ولا تمثلوا بالرجل فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور) (14). فهل توجد مثل هذه المناقبية والمبادئ عند غير الإمام علي(ع)؟ وفي أية دولة في العالم تقع مثل هذه الحوادث ولا تعلن فيها حالة الطوارئ والأحكام العرفية؟! ولا يتعرض فيها الناس الأبرياء إلى الاعتقال العشوائي والأخذ بالظنة والتعذيب؟!. فمن غير علي(ع) يقول لابنه: إن قاتلي أسيرك الآن فعامل أسيرك بالإحسان؟!.
مبادئ الإمام علي(ع): مما تقدم يتضح لنا أن حالة الطوارئ وإعلان الأحكام العرفية ليس لها معنى في مبادئ الإمام علي(ع)، وليس في قاموسه السياسي قانونان: قانون للحالة العادية وقانون للظروف الاستثنائية، وبناءً على ذلك يمكننا أن ندعي وبقوة بأن الإمام علياً هو الحاكم الوحيد في العالم الذي واجه في حكومته الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية الداخلية والفتن المتنوعة الأشكال والضروب، فلم يلجأ إلى إعلان حالة الطوارئ، ولم يتوسل بالأحكام العرفية، وذلك هو الإعجاز بعينه. وبهذا الأسلوب أغلق الإمام علي(ع) الباب على جميع الحكام والرؤساء في التوسل بالأحكام العرفية وإعلان حالة الطوارئ لمصادرة حقوق الإنسان والحريات العامة، ولم يبق لهم عذراً في ذلك، وبإعلانه لهذه المبادئ الإنسانية أثبت أن للإنسان في الإسلام حقاً وكرامةً لا يمكن بأي شكل من الأشكال مصادرتهما وليس لأحد تحت أشد الظروف العذر بإلغائهما والقفز عليهما، والمتشيع للإمام علي(ع) يجب أن يَقْفو آثار إمامه، والفرق كبير اليوم بيننا نحن الشيعة وبين الإمام، ففي فكر الإمام(ع) ومبادئه أن الإنسان لا يعدو كونه واحداً من اثنين (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
| |
|