قال الامام الصادق(عليه السلام):
" رحم الله من أحيا أمرنا "
ما هو المقصود من هذا الحديث الشريف؟
ما هو "أمرهم" وكيف نحييه؟
وما هي مظاهر حياته؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان امر اهل البيت عليهم السلام هو فرحهم وحزنهم وتكون حياة امرهم باقامة الشعائر الخاصة بهم سلام الله عليهم والدليل على ذلك قوله تعالى : "ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب" حيث قيل في تفسير قوله تعالى:"شعائر الله" هي شعائر ومناسبات اهل البيت من فرح وحزن ومن يقيمها او يحييها يثبت ولائه وحبه واخلاصه لهم "ع"ويكفي انها تعتبر عند الله عز وجل من تقوى القلوب.
قال تعالى: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُـمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَـنْ اهْتَـدَى فَإِنَّمَا يَهْتـَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَـلَّ فَإِنَّمَا يَضِـلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُـمْ بِوَكِيـلٍ).
ما من حق في الحيـاة إلا وسـايره باطل، فهما نقيضـان لا يجتمعـان أبـداً فكل منهما يتحـدى الآخـر، وهـذه هـي سـنة الحياة، فإما أن ينتصر الحـق وترتفع رايته خفاقـة - راية العدالة والأمـان- وتعيـش الإنسـانية تحتها آمنـة مطمئنة، وإما أن ينتصر الظلم والضلال فيكـون الويـل والوبال على الأمـة، ومهما إحتـدم الصِـدام بيـن هذيـن المفهوميـن فلا بـد في النهايـة أن تكـون الغلـبة والعـزة للحق لا للظلم، وهذه هي إرادة الله، لأن الحـق يعلو ولا يعلى عليه، وإن تراجـع ذلك في برهـة من الزمـن.
فمنذ بـدأ الحق والباطل ومنـذ أول يوم من أيـام التاريـخ، يوم علم الحـق أنه حـق، وعرف الباطل أنه باطل، وعلم كل منهما أن له مناهج وقيـم مختلفة ومتصارعة، وأن لكل واحد منهما غاياتـه وأهدافـه، من هنا بدأ الصراع بينهما وتوقدت شـرارة الفتنة ومنـذ الوهلـة الأولى وإلى يومنا هـذا، ولا يمكن لها أن تنطفـئ مادام الحـق يعلم أنه هو الحـق، وما دام الباطل يصر على ضلاله وعنـاده، ويســتحيل لهذا الصـراع أن ينتهـي أو يتوقـف، إلا أن ينقلـب الحـق باطـلاً، أو يعـود الباطل إلى رشــده. ( بَلْ نَقْـذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْـلُ مِمَّا تَصِفُـونَ).
من هنا ركبت الأمة رأسها وخرجـت عن خطها الأصيـل المرسـوم، فحرّفـت المنهـاج الذي خطه إسلامها من أجل رفعتها، عندما عمدت في إقصـاء زعامتها الأولى وإزاحـتها عن مكانها التي عينها الله فيـها، بهـذا الإسـتكبار والطغيان والخـروج عن جادة الصواب تغيـرت موازيـن الحيـاة بمفاهـيـم مغلوطة وأصبحت الزاعمـة للقـوة وليسـت للحـق، للخديعـة وليسـت للعـدل، والتي من المفـروض أن تنـال جـزاء تعديـها وهو حكـم الله (وَمَـنْ يَتَعَــدَّ حُـدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) فكل هذه البـوادر وهذه الخروقات قام أئمة أهل البيت عليهم السـلام في معالجتها وتصحيحها، فقامـوا حين يسـتوجب القيـام، وسـالموا حيـن يحمـد السـلم، وعملوا بكل جهد للمهمة والمسـؤولية التي كلفهم الله بها وأناطها بهم، رغم شـدة التضييق والرقابـة عليهم وتفاقم الظلم والجور المحيط بهم وبشـيعتهم.
إلا أنه وللأسف أن التـأريخ قـد كُتـب بأيـدٍ غيـر نزيهة وغيـر نظيفـة فلونتـه بألـوانٍ غيـر ناصعة، حيث ظلمهم ولم يفي بأدنى حق من حقوقهم، من هنا جاء نداء أهل البيت عليهم السـلام "أحيـوا أمرنا رحـم الله من أحيا أمرنـا" لأنهم هـم من يمثلـون أمر الإسـلام ومن يجسـدون كل معاني الحق والعدالة، معاني القيـم والمبـادئ الإلهيـة، فلنحاسب أنفسـنا نحن المسلمون اليـوم حساب الغريـم، ونضع أنفسـنا في ميـزان الحـق ونقول هل نحن أوفينـا بحق هذا النـداء، وحملنـا رايـة المدافعيـن عن الحـق والعدالـة؟ وسـرنا في طريق الباذليــن مهجهم في سـبيل العقيدة، وفي سبيل النسـيم الذي يستنشـق منه عبـق الحرية حفاظاً على قيـم الإنسان ومبادئه المسـلوبة؟ ورفضنا بهذا المفهوم كل الظلم والطغيان وكل تغييـر وتزويـر للحقائق وغرس القيـم الشـيطانية. فالأمـر لا يحتـاج إلى أكثر من هـذا، فأهل البيـت عليهم السلام هم النور الساطع الذي يضيئ سـماء الدنيـا كي تتكامل الإنسانية وترقى إلى العلـو والرفعـة التي أرادها الله سبحانه وهذا لا يتأتى إلا من خلال إحيـاء أمرهم حيـث أنهم رسـل حـقٍ لا دعـاة باطـل.
فإذا أراد أي الإنسان أن يعـرف منزلتـه عنـد الله تعالى فلينظـر إلى منزلـة أهل البيت (ع) في قلبـه والتي بدورها تكشف جل الحب والترابط بهـذه العتـرة الطاهرة (من أراد الله بدأ بكم) " وعن الإمام الصادق (ع) " القلـب السـليم الذي يلقى ربه وليـس فيـه أحـد سـواه وكل قلب فيه شـرك أو شــك فهو ســاقط" نسـأل الله سـبحانه أن يوفقنا في إحيـاء أمرهم وإظهـار مظلوميتهم، والحمد لله الذي جعلنا وإياكم من شيعتهم ومحبيهـم ومن المتمسكين بحبـل ولايتهـم. والحمد لله الذي جعلنا وإياكم من شيعتهم ومحبيهـم ومن المتمسكين بحبـل ولايتهـم.