السكري مرض شائع يعاني منه (16) مليون مواطن أمريكي وأكثر من (4) ملايين بريطاني، وأن أكثر من 20% من سكان منطقة الشرق الأوسط يعانون من مرض السكري، وقد وصلت هذه النسبة إلى أكثر من 35% في بعض الدول العربية.
إن مشكلة السكري مستفحلة في معظم دول العالم وقد يعود ذلك إلى تبدل نمط الحياة وازدياد نسبة البدانة بالإضافة إلى ازدياد نسبة الأمراض المناعية والفيروسية.
ومن الجدير بالذكر أنه لا تعرف حتى الآن وعلى وجه التحديد أسباب السكري، لكن هنالك نظريات وعوامل متعددة تلعب دوراً بارزاً في حدوثه مثل الوراثة، وتدمير خلايا البنكرياس بشكل ذاتي عن طريق نشاط الجهاز المناعي الداخلي في الجسم، والبدانة، والأمراض الغدية مثل أمراض الغدة الكظرية، وأمراض الغدة النخامية بالإضافة إلى العوامل النفسية والأزمات الجسدية والفكرية.
ويقسم السكري بشكل عام إلى ثلاثة أنماط، إثنان منها رئيسيان والثالث ثانوي، يدعى النمط الأول بالسكري الشبابي أو السكري الذي يعتمد علاجه على الأنسولين، أما النمط الثاني فيدعى السكري غير المعتمد على الأنسولين في المعالجة، أي يمكن معالجته بالحمية الغذائية والأدوية الفموية، أو يدعى أيضاً بالسكر الكهلي.
أما بالنسبة للنمط الثالث فهو السكري الناتج عن أمراض أخرى في الجسم كما ذكرنا مثل أمراض الغدد الصماء، ويمكن للسكري أن يزول بزوال العامل المسبب.
ويعتبر السكري المسبب الأول للعمى في دول العالم المتقدم، فهو يؤدي إلى مجموعة واسعة وكبيرة من الاختلاطات العينية مثل الزرق (الكلوكوما) والساد (الكاتراكت) وانفصال الشبكية وغير ذلك من الأمراض العينية.
كما يؤدي السكري إلى اختلاطات قلبية وعائية مثل أمراض الشرايين الأكليلية القلبية وارتفاع ضغط الدم.
وفي مراحل متقدمة يمكن أي يؤدي السكري إلى قصور في الكلية واعتلال في الأعصاب المحيطية، وتلف في نهاية أصابع القدم وعدم التئام الجروح. من هذه المقدمة البسيطة حول مرض السكري من حيث أسبابه وأنواعه، لا بد من أن نذكر أهم الأساليب الجديدة لمعالجته باستخدام خرزات سيراميكية تحتوي على خلايا بنكرياسية تفرز الأنسولين، فقد طور الباحثون من معهد (مانش) في ولاية كاليفورنيا الأمريكية أسلوباً جديداً لمعالجة الداء السكري، ويتلخص هذا الأسلوب بزراعة خرزات سيراميكية خاصة تحت الجلد، إذ تكون هذه الخرزات حاوية على خلايا مأخوذة من بنكرياس الفئران الذي ينتج الأنسولين اللازم لحرق السكر في الدم. وهذا الأسلوب من شأنه أن يغني عن حقن الأنسولين التي اعتاد أن يأخذها المرضى المصابون بالسكري الشبابي بشكل يومي.
ويؤكد الدكتور (بوب) أن هذه الخلايا تقوم بإفراز الأنسولين بشكل طبيعي عندما تلامسها جزئيات السكر في دم المريض حيث توفر هذه الخرزات حاجة الجسم من الأنسولين لمدة سنة كاملة، إذ تفرز يومياً كمية من الأنسولين تتلائم مع حاجة الجسم، وبالرغم من أن جدران الخرزات تبدو صلبة لأنها مصنوعة من السيراميك، إلا أن الصلابة لا تعيق دخول جزئيات السكر إلى الخلايا الموجودة بداخلها لتحريضها على إفراز الأنسولين، وذلك بسبب صغر جزئيات السكر، إذ إن حجمها أقل من حجم جزئيات السيراميك حيث يبلغ حجم الخرزة الواحدة (600) ميكرون أو ما يعادل (0.6) ميلمتر طولاً، ويشير الأطباء إلى أن زرع خرزات صغيرة الحجم يكون أكثر فعالية من زراعة خرزة كبيرة واحدة، وذلك بسبب انتشار الأنسولين بشكل أسرع واتساع سطح ملامسة الدم للخرزات داخل الجسم.
وبذلك استطاع الأطباء السيطرة على سكر دم الفئران المصابة بالسكري لمدة ثلاثة أشهر بالخرزات الصغيرة، والأبحاث لا زالت قائمة في معهد (ماتش) في ولاية كاليفورنيا للسيطرة على السكري لمدة ستة أشهر على الأقل، ومن المتوقع أن تبدأ التجارب السريرية في المجال العملي على الإنسان في بداية العام المقبل، وتشير التقديرات الأولية إلى أن كلفة العلاج للمريض الواحد سوف تبلغ ثمانية آلاف دولار أمريكي سنوياً، ومع ذلك فإنها أقل كلفة من العلاج التقليدي بالجرعات الأنسولينية. وهناك ميزة رئيسية للخرزات تميزها عن الحقن التقليدية، وهي أن المريض لا يدخل في حالة إغماء أو سبات إذا نسي أخذ جرعة الأنسولين في موعدها اليومي، وسوف يتمكن الأطباء من زراعة تلك الخرزات في الجسم، إما عن طريق محقن خاص يمكن إدخاله في الطبقات الشحمية الموجودة تحت الجلد أو عن طريق عملية جراحية صغيرة، إذ توضع جانب المعدة والأمعاء في الغشاء المصلي المغلف للأحشاء.
ويشير البروفيسور (ألان كيركلين) اختصاصي أمراض الغدد الصماء في بوسطن، بأن هذه الخرزات يمكن أن تستخدم لإدخال مواد دوائية أخرى للجسم، إذ يمكن أن يستفيد منها المرضى الذين يعانون من هشاشة العظام أو المرضى الذين يعانون من داء باركنسون