ولد الامام الحجة لأبيه من أم رومية، تعرف بين أفراد عائلة الإمام باسم «نرجس». ويروى أنّها كانت بنت ملك من ملوك الروم، وأنّ أمها تنتهي بالنسب إلى «شمعون الصفا» أحد حواريي المسيح عليه السلام.
وقعت «نرجس» في أسر المسلمين بعد معركة جرت بين المسلمين وبين قومها الروم في مدينة تدعى «عمورية»، انتهت المعركة بانتصار كبير للمسلمين، ووقع عدد كبير من الروم أسرى جيء بهم إلى بغداد. وقد جرت العادة أن يباع الأسرى في سوق تسمّى سوق النخاسة، وكان بيع الأسرى يتم لتأمين أماكن لسكناهم ورعايتهم، وكذلك على أساس المعاملة بالمثل، كما كان يجري للأسرى المسلمين، الذين يقعون في أيدي خصومهم من غير المسلمين.
أرسل الإمام الهادي عليه السلام أحد النخاسين واسمه «بشر» إلى بغداد، ليشتري الفتاة الرومية الأسيرة، ويحضرها إليه. فحملها النخاس إلى سامراء حيث يقيم الإمام (ع)، الذي بشرها بمولودها المبارك، المهدي المنتظر، الذي يملك الدنيا، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.
سرت «نرجس» لهذه البشرى، وأقامت لدى الإمام قريرة العين. وكانت من الصالحات الناسكات، وحين حملت بالمهدي عليه السلام، خفي حملها على أكثر النساء اللواتي كن قريبات منها، وشاء الله لها أن تكون أماً لأكرم مولود، حارت به الظنون وضلّت به العقول، وصدق به المؤمنون برسالة جده المصطفى، وآبائه أئمة الهدى؛ عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام. {ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} القصص: الآية 5